Menu

بغض النظر عن مدى تألمك؛ هناك دائما سعادة في الحب.

الثلاثاء، 15 أغسطس 2017

لست شبيها لأحد

حين تغفو عيني يستيقظ قلبي! يستيقظ على قرع نعلك على صحيفة صدري، على منحوتتك القابعة في ميدان روحي، والتي شكلتها بنفسي كي تشاركيني نبضي، أن تقذفي بقلمي ودواتي خلف ظهري، وتضعي كفك الحاني على صدري، أن تبتسمي لقرص شمس اغسطس الحار، وتخبريني بأن الربيع لقادم، أن تثلجي صدري ببتسامتك ومعي تغني أغنية لم يغنيها يوما احد ساقط، أن تعيشي للخلود، وترسمي لي ظل ممدود، كي لا تخطئه عيني وانا اصطحب فؤادي إليك،  في رحلة اقتفي بها اثرك اللامع عند استيقاظي.


إن الحياة معي غير متجانسة اطلاقا، الناس، الحيوانات، النباتات حتى الجمادات في معظمها لا تشاركني احلامي ولا اشاركهم الرغبة في امتلاك اي منهم.

أن تعيش وحيدا لا تعني أنك ميت،
أن تعيش وحيدا تعني انك لست شبيها لأحد.

لم يُخلق لك بعد شبيها يشاركك حياتك، يسير على نمطك، يغرد كالبلبل الذي لا تخلو  منه نافذة عند مطلع كل صباح ،

توأمة الروح ليست بالضرورة ان تأتي لكل أحد، فهنالك من خلقوا للوحدة، لان طبيعتهم لا يمكن لها ان تختلط بكل جنس بشري يشبهه في الهيئة ويختلف معه في المحتوى.
محال ان يقبل الماء العذب الزلال ان يختلط بالزيت، وهل يمكن للماء ان يقبل بأن يشارك من يزيد النار قوة إن اُريق عليها، وهكذا بعض طباع البشر  من ذوي الندرة التي لم تنجب ارحام النساء مثلهم إلا ما ندر، إنهم هؤلاء الذين لا يحبون منتصف الحلول، ولا يركضون نحو الهاوية اي ما كانت لأرضاء الحمقى من البشر، إنهم الذين لازالو كما هم غير ملطخين بالوان الحياة المزيفة، الوانهم طبيعية لا تقبل ان تتحول أو تتشكل على ايدي آثمة، تأبى أن يتم استخراج منها الوانا مع مرور الوقت تتحول لاشكال باهتة، ترفض وبشدة أن يتكاثر تعداد الألوان في اللوحات التي تنجبها ايدٍ مراهقة.

أن تعيش وحيدا لا تعني أنك تعيس، أن تعيش وحيدا، تعني أن لا احد يشبهك.
ليس سهلا ان يثير فيك احد الفضول، ان يبعث داخلك الحركة لاكتشافه، للتنبؤ بمستقبله او التحسس بما يلوح في اعماقه من فكر يطابق ما انت عليه، إن الوحدة تعلمك قوة النظر، أن تنظر للاشخاص بأعين صقرية، ترى المزيف والاصلي بعين خبير، ان تركض وانت في مكانك هذا فعل لا يتقنه احد غيرك، إن الارواح المرفهة لا يعرفها اهل الوحدة، لان ارواحهم منهكة وجدا، حتى لو كان صاحبها لا يبرح فراشه،

لا شيء يمكن له ان يغيرك مهما طال بقائه، لانك لم تعرف يوما أن تمسك قلما رصاصا وتكتب به ذكرياتك،
إن اول ما تعلمته وانت في المدرسة كيفية ان تمسك قلما من الحبر وتدون به كلماتك التي تتعلمها من اسلافك، لذا بات صعبا عليك محوها، وظلت تغذيك منذ نعومة اظفارك بمثاليتها اللامعة كقطعة الماس حتى ظننت انك في المدينة الفاضلة إلى أن كبرت وايقنت أنك ولدت في عالم لم تدرسه يوما في  الكتب، إنه عالم يأتيك فقط بشكل مباشر عبر شاشة زجاجية مسطحة. 

إن الذين لم تعرف ايديهم معضلة الاحبار والولوج في هذا العالم الشديد التعقيد، وفضلت التعلم بالاقلام الرصاص، تلاحموا بهذا العالم، لان كل ما كان يحتاجونه (ممحاة) بخسة الثمن بها يتم محو كل ما هو ماضٍ والبناء على الواقع، ليس لهم همّ في كيفية تغييره، بل البناء عليه اي ما كان، لا يعنيهم الجمال، بل تعنيهم الحياة اي ما كانت، وتحت اي سقف عاشوا، انهم هؤلاء الذين يصّعبون علينا الحلول، ويهدمون كل ثوابت الماضي الذي تعثرنا فيه فيما بعد عندما جمعنا الصورتين المتضادتين بين الامس واليوم لنستخرج الفروق الناتجة عن النظر فيهما، فشعرنا اننا نقارن بين الليل والنهار، بين النهر والبحر،  تعددت الاختلافات حتى عجزت العين على الاحصاء، وعادت وهي حسيرة لصاحبها تبكي واقعا مريرا شارك فيه كل من كان لا ينبغي له ان يتقدم خطوة واحدة للامام.
********
إن كل ما هو متحرك امامي لم يعد يطربني، الاشياء الثابتة الراسخة وحدها من تفعل ذلك، حتى لو كانت حجراً، إن خيال المآتة الذي قد نراه في منتصف الحقول لهو اعظم عندي من أن أكون كائنًا متحركًا مزيفًا.
~

الأكثر قراءة شهريًا

المشاركات الأخيرة

تصنيف المشاركات

Unordered List

Text Widget

QalamFahm © قلم فحم