Menu

بغض النظر عن مدى تألمك؛ هناك دائما سعادة في الحب.

السبت، 30 ديسمبر 2017

وعلى هابيل السلام

جلست على أريكتي التي بجانب شُرفة غرفة مكتبي مستعينًا بعيني لرصد كل ما يتجول من حولي، فرأيتني ويكأني في صالة دور عرض سينما، أو أمام خشبة مسرح أشاهد كل ما يعبر من خلال عيني .. وأنا لا أبالي !

تمضي الساعات في ذيول الأيام، والأحرف في ركب الكلمات، أري الصغير يشيب قبل الأوان، والكبير يطمح في عمر آخر يُضاف إلى عمره المديد ليتسنى له البقاء إلى أن تفنى الأكوان!

عام ومن خلفه عام، إلى أن تصبح المحصلة أعوام متكدسة بالسنين العجاف تمضي ليتسع المجال لأخواتهن المفلسات بأن يدلين بدلوهن على كوكبنا المشؤوم مذ أول ليلة وطيء فيها لـ آدم الأول قدم على الأرض، ومن ثمة وُلِد قابيل وهابيل، فمات الطيب مقتولاً! وبقي قابيل ومن هم من نسله من بعده يستعمرو الأرض، فبذرو في تربتها بذور الكراهية، وأقاموا على اليابسة من يجردها من زينتها، قطّعت رؤوس النخيل وأُقتلعت الأشجار من جذورها، وجرفت المزارع والحقول والحدائق الغنّاء، وتم القضاء على سلالات عديدة من حيوانات بإسم الصيد والمرح والترف و,,, وسفكوا دمائهم فيما بينهم من اجل العروش ومِلء الكروش "كرام كانو، أو لئام" أختلطت الدماء الزكية بالمنتنة الكريهة فتشبعت بها التربة لحظة انقطاع القطر من الله. 

ويكأن البشر باتوا يعيشون في صراع السبق على إفناء سلالتهم، الكل أصبح يهرع لإفناء الكوكب من أخيه الإنسان ليتسنى له العيش على ظهر الكوكب بمفرده! حتى ولو وسعتهم الآرض جميعا، أو اتسعت لأضعاف أضعاف اضعافهم فهم على أتفاق غير معلن فيما بينهم، وهو أن لا يكسر أحد  قانون الغاب، حتى لا يعبر القطار من بينهم إلا وكان محمّلا بجثث من كانوا يطمحون للعيش بسلامة .. ولا حياة هنا للأبرياء. وإن شئت لقلت ... لا حياة هنا لأبناء هابيل! .. فهم غير مرحب بهم هنا.

هنا في عالمي المشؤم هذا .. يحتفل الناس هذه الأيام بنهاية العام! أو قل يحتفلون بقرب الآجال، يقيمون الأفراح وليالي الملاح بالرقص في الحفلات على إيقاع الطبول، ويثملون حد بلوغ الجنون! الجنون! الجنون!، يا إلهي !! ويكأنني اقول أنهم العقلاء حتى أتى ساقيهم فأذهب عقولهم كما يُذهب خيال المآتة الطير من على ظهر الحقل، هم الحمقى ولا شك في ذلك، وإن ارتدو النظارات الطبية الكبيرة التي تتكئ على انوف مثقفيهم في الازمان الغابرة التى تتتابع علينا.

فأنا على أعتاب عام جديد أقف، لأودع عام من عمري، فقد أصبحت مثل شجرة في فصل الخريف، تسلم أوراقها بالتتابع عام بعد عام، شجرة لم أزينها كما  يفعل المارة من امامي بشجيراتهم البلاستيكية ليلة ميلاد المسيح، المسيح الذي عاش على ارضنا غريبا، اليوم يُحتفل بميلاده! وياليت احتفالاتهم الصاخبة بميلاده الكريم كانت تتم بتشيد ملاجئ لإستضافة الغرباء والمشردين والجوعى الذين لم يعد لهم مأوى بعد أن أفنت الحروب شجرة عائلتهم، فأصبحوا من بعدهم اغصانا فرادا ملقاه على الأرض تذروها الرياح، لقد التهم صقيع الشتاء عظامهم مثل كلب مسعور، وثقبت ملابسهم وعبر منها الريح كعبور الرصاص من صدر الأطفال، فلم يجدو ركن يركنون إليه حتى يجمعو قوتهم لمزاولة طريق الحياة المُر الذي كتب عليهم،،  أليس من الآولى أن نقدم لهم يد العون بكل ما اؤتينا من عزم وقوة حتى يهنئوا بليلة الميلاد معنا.. تلك التي اصبحت مقدسة بكل ألوان الصخب عند عديمي الأبصار.

كم انتم بارعون ايها البشر في التمثيل، عجبت لكم، تمتلئ اوطانكم بدور السينما والمسارح في الميادين العامة، وتتقاتلون فيما بينكم من اجل الولوج إلى داخل صالات العرض لحصد مكان متقدما؟! لماذا كل هذا الجهد؟! وانتم جميعا بارعين ومبهرين في التمثيل على خشبة عالمنا التى تجمعكم جميعا مع محترفي التمثيل، بل وخالقي أنكم لأبرع  مما تشاهدون عبر التلفاز والسينما والمسرح وكل مكان تقام فيه فنون الزيف، ولأننا مفلسون من كل ما هو هابيل، ومتشبعون من كل ما هو قابيل، فقد ابدعنا صنعا في التنقل من عام لعام ونحن نحمل صفات أبن آدم الأول المشؤوم قابيل على ظهرنا حتى انحتى فينا كل عضو قائم.


كل عام وأنتم بخير يا أبناء قابيل! 

والسلام على روح هابيل، وكل من حمل في قلبه هابيلاً.

   qalamfahm@

شارك:

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الأكثر قراءة شهريًا

المشاركات الأخيرة

تصنيف المشاركات

Unordered List

Text Widget

QalamFahm © قلم فحم