Menu

بغض النظر عن مدى تألمك؛ هناك دائما سعادة في الحب.

الجمعة، 25 أكتوبر 2024

تغاريد إنسية

      ما لي لا ابث أشواقي إليك، ومشاعري حبلى بكِ....

ألست انا من كنت يوما مشردا، والبستيني ثوب محبتك، وكنت جائعا فأطعمتيني قبلتك، وكنت ميتا فأحييتني واويتني فراشك ومنزلك ......

ألست انا من كنت يوما مشردا، والبستيني ثوب محبتك، وكنت جائعا فأطعمتيني قبلتك، وكنت ميتا فأحييتني واويتني فراشك ومنزلك ......انني مهاجر إليك متحديا الصعاب، حامل ألوية أشواقي حتى أزيل الاستعمار، مهددا أن ألقاك تحت أزيز الأمطار.

إنني عائد من ظلمات لكي أتدثر بنورك، واسمع قرع طبول قلبك من بين زحام الأصوات.

 

إنني مهاجرا رغماً عن انفك...

 

مهاجر إليك حتى اشق صدرك واستخرج جوهرتي المخبئة أسفل قفص صدرك...

ف لا تلوميني على جرئتي  فبعض الغرام يشبه شلال منهمر يصعب تأخيره او تهذيبه!

 

فأعظم معزوفة في العالم هي إيقاع خطواتك حين تتخذين صدري ممشى...

حين أضمك بكل مبالغة واجمع قوى العالم بين ذراعي لأحطم أضلاعك واكتنزك في أعماقي.

 

إنني بين يديك وحش  كاسر لا يكف شعوره عن تلاطم، 

كأنه البحر الذي يبتلعك أينما رايتك أغرقتك.

أغلفك بعيوني كـ هدية لقلب... 

نغمة شوبانية تجعل بوحي يئن من واطئة زفرة شوق لا تُحتمل...

 

يا من نغم صوتك يحملني على صهوته، ويطرب قلبي فارقص على نغمة حوافره... 

وأنا الذي كلي اضمحل ببعضك وتاهت معالمي!

صرت جزءا منك وضاع جزئي بكلك وضاعت بوصلتي.

 

خذيني لروحك..اسجنيني بين ضلوعك..

اغرسي شجرتك في حقلي..واجعليني اثمر بمحبتك.

 

اتخذيني مسكنا لوحدتك..خذيني ثوبا يدفء مشاعرك عند هبوب الرياح، 

أو مظلة تظك من مطر الشتاء حين تبتل ملابسك.

 

حين لا يسعك شيء سوى صدري الذي اطويه عليك، ودقاتك تهز اركاني وعيني تلتمع بين شفتيك كجائع ينظر من خلف زجاج على ثمرة فاكهة نادرة لا يحظى بها سوى المنعمون في الارض.

 

امدد يدي لعلي اتلمس طرف ثوبك، ظنًا مني أن يدي كفيلة بتحولها لمخلب نسر يختطف غزالة برية، ثم يحلق بها بعيدا بعيداً حيث قلل الجبال، حيث يعجز البشر على الاستبصار، وهنالك افعل ما لم يفعله بشر!

 

تسبح اصابعي على جسدك كعازف (بيانست) تبث اشواقي اليك كما لو كنت الانسان الأول على كوكب الارض، كمن لم يتعلم لغة الكلام! فقط اللمس.

 

اتحسسك بتؤدة كـ نحات ماهر، وعند التفاتتك اقتنص من شفتيك قبلة كـ قناص!
فأنتِ لستِ ممن يمنح الناس شيئا، لذا علىّ بسرقتك كلما عبرتي من امامي كمجرى الماء العذب يُسمع لخطواتك صهيل.

 قـلم فحـم

qalamfahm@


الجمعة، 3 يونيو 2022

احب .. ولكن...

كلما تمنيتك اتقد قلبي، اشتعل بحرائق لم تكن يوما لتحدث او تراها عيني بعيدا عن وكالات الاخبار المنتشرة حول ربوع العالم، انني افتقدني بشدة حين اجدك تعبرين امامي كسحابة صيف تظللني لبرهة من الزمن، حتى كدت ان اجزم أن العالم حينها بكل اشجاره ومتاحفه وقصوره وكائناته البرية والمائية، الخفية والعلنية متحرك، وانا وفقط الثابت والوحيد، اشبه بكعبة فريدة راسخة منذ بدء الخليقة والحجيج من حولها يدورون وفي فلكها يسبحون حتى يحمل الهواء حقائبه من عالمنا وينتفي لمكان لم اكن لاعلمه لكي اذكره.

انني معلق بك كقلادة على عنقك منذ نظرت في عينيك النظرة الأولى وبالأولى دون سواها كانت الرصاصة التي لم اشهد مثلها في اشد الحروب عدوانا، كيف لك ان تفعليها من دون تخديري أو على الأقل تحذيري! أليس من حقي كإنسان ان تحذّريني من ان النظر في عينيكِ مَهلكة لحياتي، تشرد من بعد حياة كريمة آمنة هادئة استوطنتها واستوطنتني منذ نعومة اظفاري، انني وانا العليم بذاتي افتقدت بوصلتي عند مطلع اول نظرة في عينيك الغير مسالمة البتة، العين التي تُجرد كل من يراها من الاستكانة بعد الركون للراحة.. اليوم ما عادت تزورني السلامة وما عادت تتقبلني في عالمها.

ففي وطني يكتبون على علب السجائر انها خطرة وتدمر الصحة وقد تسبب الوفاة!

أليس حريّ بكِ من باب آولى ان تُختريني بعدم الخروج من المنزل ما دمتِ لن ترتدي نظارتك الشمسية كما يفعل هاتفي عندما يُخترني بتقلب الطقس حتى  ينجو قلبي التعيس من مزاولة العشق المتقد الغير قابل للاستئناس، كمُهر جامح أو اعصار كاسر يهدد حياتي من ذالك الشوق الذي لا ينام ويجعلني لا اكف عن التقلب يمنة ويسرة كأني ثياب مبللة على احبال رطبة تلهو بها الريح حتى تجف! إلا انني لن اجف البتة من هذا الشوق المستعر!

اليس الحب شفاء لجروح الحياة وترميم للذات واتضاح لبوصلة تأخذ  بأيدينا الى طريق البهجة المعمرة كعجوز لم تمت حتى سلمت ارواح كل زويها لله.

ليتني قادر على العبث بساعتي، وتحريكها للوراء، حتى اجمع شتاتي المتناثر على صحيفة ايامي كمطر منهمر في صحراء بددته الرمال واخفته عن ناظري لتزيد  من عجزي عن جمعه كجامع الزهور في صبيحة يوم ربيعي هانئ...

 احب .. ولكن!

قلم فحم    

qalamfahm@

الجمعة، 8 مارس 2019

عبير القلب الحب

انتِ حب أنا متخم به كـ سيدة حبلى بطفلها المدلل .. كذلك مشاعري حبلى بك ...
أحبك يا كل بداية ..
أحبك  بلا  نهاية ..

انرتي روحي يا بوحي، سأكتبك غراما يانعا، وارسمك عشقا دافقا.
يا قلبي... 
سأحملك على قلبي كعروس بحرية يحملها فرس النهر،
سأبتعث كل شعور مات مجددا داخلي لاجلكِ أنت.. لكي اسعدك به.

سأنقشك قصيدة غزل تذيب الصخر، واتنفسك كـ حديقة لا تكف عن ضخ ارواح عطرية يانعة بسم محبتك.

أحببتك وأناـ الكوكب الذي كان معتما حتى ارضعتيه بنورك ...
فأصبح منذ ذلك الحين بدراً منيراً لامعاً بك.

إنني حيث اراكِ فقد رايت جنتي التي تتوق لها نفسي.
بدونك انا فاقد لكل شيء... مهيتي، وروحي، وكياني، وانسانيتي... ليس لها وجود دونك. 
إنني وحدي احيا كـ الأموات السائرون!
اعيش حياتي كـ حياة المهمشين..

معك ووحدك انا نجم يحيط بقمرك بدراً لامعا يستظل بنور شمسك ليضيء بسمك.
بقلبك احيا وبدونه اموت..
لأجلك انا لازلت حيًّا ، 
ومن اجلك انا سأبقى أبدا..

لا حياة لي بدونك ..
ولا موت هنالك فيه راحة وانت لا تذكريني ..
فما دمت تذكريني فأنا بخير.. 
حتى لو كنت أرمت.سأحبك .. و اكثر

احبك بلا ابتداء، وبلا انتهاء..
احبك بجموح، ومجون وجنون واشتهاء..
احبك برقي، وببوح نقي كماء المزن.
احبك بكل نكهات الاطعمة الطازجة.. 
وبكل عطور الحدائق البهيجة،
وبكل مسميات الاسماء السعيدة والصفات الرحيمة الجميلة.

ابقيني داخلك كجنين لم يكتمل نموه إلا بإستمرارية حياتك.. متخم أنا بك .. فما حيلتي وانا المعذب بحمل محبتك التي فاقت حملي وتحملي؟! أتعذب كل مساء عندما استشعر لحظات يمكن ان تأتي عليَّ وانا في حرمان منك.. وكيف اعيش وانا أهواك ولا اراك من حولي كالمجرات من حول الشمس؟ّ! ادامك ربي في قلبي حبا لا ينتقص منه شعور ما.. اهتز لمحبتك في يومٍ ما .

أحبك... قلمـ فحمـ

الاثنين، 28 مايو 2018

غارة غرام

أخبروني... من أين أجد لي نصيرا يهزمها، ويثأر لضعفي الذي يشبه الشيخوخة ؟! وهي يوم بعد يوم تلاحقني، فأزداد ضعف على ضعف، وتزداد قوة على قوة !

تعّريت أمامك ! حتى أشعر بك وأنت تقبّلين صدري ليلا خلسة، فـ... أتحسس بشرتي بشفتيكِ الحلوة وهي تطفوا فوقي، وانفاسك الخارجة من رئتك تحرك خصلات شعري كـ نسيم الربيع حين يهرع نحوي مسرعا في يومٍ  صيفيّ حار لـ يلامس وجهي.

و آآآه من الشوق المنبعث داخلي
يهاجمني من حين لآخر
يهشم ضلوعي
يلهب بوحي كلما ضاجع روحي.

رفقا يا شوقي !!
ستقتلني قبل ان القي بنفسي في احضانها
واعبث بشعرها
وراسي تتكئ على صدرها.

واي رفق اطلبه من شوق لا يهدأ !
متى طُلب من نارٍ ان تكون بردًا وسلامًا على رجل غير إبراهيم؟
ويح أُمي لِمَ لَم تسمّني على اسمه !
ف لربما نجوت !

ولكن .. هيهات ! هيهات !
فلا نجاة لعاشق دخل معبد العشق بقدمين مرتجفتين.

ثمّ ومالي لا اعشقها وهي النساء جميعا، الشمس التي تطمس النجوم، وتطغى على كل مصابيح مدينتي، انني متيم بها للغاية، حتى بلغت درجة الـ (هَوس) ! فمذ رآيتها وانا في فلكها ادور، لا طاقة لي على الخروج من مدارها، فما لهؤلاء الناس الذين ينعتوني بالجنون لا يصدقون بأنها ... ليست بالتي تقبل ان يراها رجل ويخرج من عندها معصوم، إنها تسلب العقول، تزلزل القلوب، تبعثر الفكر في كوب مملوء بماء الورود.

أحدثها فأشعر أنها تسكب في فمي لُعاب اللذة، لا تفارقني الدهشة من ولوجها داخل قلبي كالأبرة التي تخيط ثوبي، تخيطني بنعلها فلا افارق خطواتها، مالي ! هزمتني يوم رمقتني اتجول قربها.

غارة غرام هي كما يحدث في الحرب، تأتي من حيث لا نحتسب، زلزال مدمر يهدم منازلنا (حياتنا الأولى) ويغيّر دفة مجرى حياتنا التي كانت هادئة مستكينة من قبل تلكم الغارة، فلا يظن ظان أنها " تأتي شديدة تصفع مشاعرنا فتلتهب، ثمّ ما تلبث إلا قليلاً وتنتهي ! " فهي باقية فينا كالعاهات المستديمة لا تفارقنا ما بقينا نطفوا على سطح الأرض.

فـ... لا تلوموني على عشقها، فعشقها هو الآولى أن يُلام على سطوته التي اقتلع بها قلاعي، وغزاني من حيث لا أحتسب !

الثلاثاء، 15 مايو 2018

نفط قلبي

عقلي الناضج بات مراهقا مذ رأيتك، أصبحت أفعل ما كنت انكره على الغلمان الصغار، إنني أبدو الآن طفل كبير جدا، يمرح من حولك غير مهتم بأقاويل الناس، خلعت عني رداء وقاري وأصبحت مراهقا مجنونا يسعى إليك بشتى الطرق، اتبعك حيث تكوني، كي ابث لك مشاعري الرطبة بكل ما بي من جموح، ف معك احسّني  مفاعل نووي ممتلئ بالطاقة !

عجيب حالي هذه الأيام .. ف عند تغيبك اُشبه سحابة صيف تذروها الرياح ؛ وعند حلولك يحل محل الخريف الربيع، مشاعري الباردة تصبح حارة، اصابعي الذابلة تتورد ومن ثمة تتحول من الكسل إلى النشاط، تعبّر عن تحول حاد في مزاجي العام ! من بعد ركود دام لسنوات إلى ركض تجاهك كأني أنطلقت من قوس كيوبيدي محمّل بسهام الغرام المشبعة بالإنتشاء (وهو كذلك)، وهذا ما جعلني التصق بك بكل ما أوتيت من طاقة لعلي استطيع الوصول إلى إحدى شفتيكِ المتوردتين فأمصهما مصا قبل أن أتناولهما وجبة طازجة على مائدة إفطاري الدسمة بكل ما لذ وطاب، من بعد صيام طويل عن القُبل المتبلة بالطغيان الرومنسي الحار.

إن نوافذ قلبي المغلّقة، تتفتح لكِ كل صباح لـ كي تستقبل نور عينيك البازغ، فأشاهدك من طرفٍ خفي وانت تُثقبين السُحب بطلعتك البهية إلى ان يتفتت المُزن تحت طغيان حضورك، وتتحول مدينة الضباب التي اقطنها في غيابك الى اكثر بقاع العالم دفئا واشراقا في حضورك، من أي صنوف الكائنات انتِ حتى يتحول معك عالمي الباهت لعالم آخر ما كنت لأعرفه حتى أحببتك وتُيمت بك ؟!

وكلما أشتقتك ابحرت في اعماقي باحثا عنك، ف كل الدروب داخلي أجدها مشّبعة من قارورة عطرك، وهذا دليل جازم على أن قدمك قد وطأت هذا الموطن بغزارة، كما أن الشمس والقمر يظهران لي بصيص من ملامحك على وجنتيهما، والنجم والشجر يتراقصن على أنغام سهر الليالي التي اعددتها لك عند قرب مجيئ الليل لنرقص سويًا على انغامها بكل ما رُزقنا من شغف.

يا ويلي منكِ ! انتِ حقًا انثى استثنائية، وهذا مبلغ علمي بك، بارعة في سرقتي، لا اعني ما يفعله اللصوص في الطرقات من سرقة اموال المارة ! بل انت لصة من نوع اخر، لصة محترفة في سرقة القلوب من نوافذ العيون، تسلكين مسلك الاكسجين في الرئة، تزلزلين الجسد من العمق، فيأتي اليك صاحبه طالبا محبتك التى تطغى على قوة صبره، فيكابد المسكين المغرم سهر الليالي وهو على اريكته الخشبية جالس يعد النجوم التي تشبه عيونك، حتى أصبح كل سمين ضخم أحبك إلى نحيف لدرجة انه قد لا يُرَ بالعين المجردة من طول ما اعياه السهر، وامتناعه عن تناول الطعام لانشغاله بمحبتك عن محبة نفسه !

لا تبعدي نارك عن نفطي، فشفاهي تلامس منحى حرفك وتتبع خطاه ومعناه، اشتعل بلهيب محبتي لك، ثيابي تهترئ فتحترق وتتلاشى، كلي ممتلئ بألسنة لهب العشق الذي لا يقاوم، فهو لا يكف عن حرق كل ما يصل إليه ، وانا على حالي عريانا اصيح بالنجاة، وعيني لا تفارق ظلك.

أقسم لك يوم ألقاك سأحتضنك أينما كنت وفي اي مكان رغمًا عنكِ، سأعتصرك بذراعي كي أستخلص من شفتيك حبات الشهد الحُلوة، ولن أدع مجالاً للأكسجين من ممارسة رياضة الغطس في رئتيك، سأقتنص كل من يحاول الولوج داخلك، سأقتلك بفمي، وأموت معك الف الف مرة، حتى يمل الموت مِنّا فيهجرنا سويًّا وللأبد.

الأحد، 13 مايو 2018

مدن الغياب ..

عند كل لقاء .. أراك مشكاة قلبي، وزهرة اشواقي، ميدان عمري الذي اطوف من حوله في صبحي ومسائي، كل المعاني بعيدة عن وصف اعتلالي بك، كل الهجاء ضعيفا أمام انتهاك عشقك مفاصل قوتي، وقعت في الاسر واصبحت رهن اشارتك يوم صوبتِ علي حدقة عينيك الثاقبة، وقعت طريحا على صدرك، وكلي كان يظن اني شامخ القوى عتيد، حتى ايقنت اني خائر ضعيف امام طغيان جبروتك الانثوي القدير.

وعند وقوع البلاء .. أعني (الغياب) أشعر ويكأن الساعة التي في يدي قد توقفت عن الدوران، وبات العالم متوقفا كحال الماء المجمد في زجاجة يصعب فتحها ؛ وأتسائل في نفسي متحيرا .. كيف؟ وأين؟ ولماذا؟! تهيئت لغياب لا يُبقي لك اثرا على جدران منزلي ! اهكذا تحبين ان تمضي من دون ان تتركين لي وسيلة اقتفي بها اثرك؟! يا لعبقرية جحودك في إسالة دمي دون ان يمس اصبع يدك جسدي ! قتلتيني برصاصة كانت على سن قلمك فلما عجزت عن محوي محوتِ نفسك، فبددت احلامي واخليتي بدني من زائر السعادة الذي رغبت في أن يأتي منذ العصر الحجري، ويوم اتى طارقا بابي كنت قد فارقت بيتي.

ولكني لن أيأس، وسأمضي على أمل إيجاد أثراً يدلني على إتجاه سَير خُطى قدميك، وسأتبع خط سَيرك لا محالة، اقاوم العواصف الترابية حتى لا تزيل معالم ما اجد لك من اثر. أجتهد بكل ما اوتيت من قوة حتى اجدك، الغبار الكثيف لا يمكن له ان يمنع بصيص نورك المتجسد واقعا في عيني، حيث امضي في طريقي أضعك نصب عيني.

ف في كل يوم تهاتفني روحي بالرحيل ولا اقوى على المشي قُدمًا في هذا السبيل المستحيل، الانتظار اوشك على تمزيقي حتى اني لم اعد اراني في المرايا كائن متماسك كباقي الكائنات، بل كـ لوحة جدارية معالمها تتآكل، او كـ ثوب مهترئ لا يسعى لشرائه احد، إنني متلهف لعناق يجدد قواي ويضخ في هذا الجسد المهلهل روح الشباب، فكم افتقد جسدي لكثير من قوته تحت وطأة غرامك المستعر.

وهل يمكن للروح أن تغادر الجسد ويبقى الجسد على حاله ينمو وتنضج ثماره جمالا ؟! إن مغادرة الهوى الذي اكنه لكِ في قلبي كمغادرة هذه الروح جسدي، تذبل بشرتي ويتغير لوني واصبح شاحبًا إلى أن أتحول لمرحلة التعفن الكامل، انني اعرف جيدا ان الحب لا يخلو من عذابات كما أعرف أيضا أنه يغيرنا للافضل، حتى لو انتهك لحمتنا وأغتصب قوانا وزلزل شخصيتنا ليضعفنا احيانا كي نخضع لأمره، إلا انه مع ذلك يزيدنا اقبالا على الحياة واشراقة لوجوهنا لا يمكن ان نجدها في مستحضرات تجميل او عمليات تغير التالف إلى صحيح...

قلمـ فحمـ

     qalamfahm@

الخميس، 3 مايو 2018

بعث

أشرقت شمسك، فتغنت مشاعري بغدي وحاضري وامسي، وهممت أتناول ما أعددته من خبز كي اُتم فطوري، فلم أجد في نفسي جوعا من بعد ان تصفحت وجهك بعيوني، فشبعت، وشبعت روحي.

https://qalamfahm.wordpress.com/2018/05/03/%D8%A8%D8%B9%D8%AB/


يوم بعثي .. هو يوم من أيام فصل الربيع، الساعة التاسعة صباحا، الشمس تتحسس صحيفة وجهي، انا بجوار منزلك اتطلع لرؤياك، الارض تهتز من تحتي لتبعثني من بعد موتي، تجدد حياتي بعد أن أهدرت أمسي وما قبله في الشِكاة ! وكدت أهدر حاضري لولا رؤياك، مِت قبلك اعواما لا أحصيها من كثرتها، ومجرى عمري كان في الجداول يجري نحو الهلاك، كل ما مضى من عمري مررت من أمامه كما لو اني جالس في قطار مسافر، اشاهد ألبوم حياتي عبر نافذة زجاجية، مدن تتلاشى من امام عيني بعد عبوري كل محطة، فأشفق عليِّ من كثرت ما مررت به حتى أتيتكِ لتطهريني، وطهُرت.

انا لم اكن ابدا حي قبلك، كنت ربما كائن متحرك فحسب، هذا هو التفسير الأقرب للصحة، كنت جسد اجوف لا قلب فيه، روح حبيسة في أقفاص معدنية، أشاهد الحياة من خلف قضبان ! حياتي كانت مثل عصفور نادر السلالة، حبيس قفص ذهبي المعدن واللون، في احدى قصور العاصمة الملكية.

كل الحيوات التي في اعناق الناس كانت تنقصني، حتى شاهدت طيفك والذي من خلاله بدأت حياتي في النهوض لأول مراحل البعث، آلا وهو الشعور بأني لازلت على قيد الحياة، فإنني إلى الآن لم تُستخرج لي شهادة وفاة لأتوقف عن تناول السعادة مع كل رشفة أكسجين احتسيها، إن الشعور يسبق المشاهدة، كأن الانسان يقول اشعر بشيء ما هنا سيحدث ثم يتم مقولته انتظر وسنرى ما شعرت به رؤيا عين بعد قليل، كالانثى التي تشعر انها ستكون أم قبل ان يزورها الطبيب، تتحرك بمشاعرها التي سبقت خطى قدميها التي تنبئت لها بقدوم سبب ما سيجعلها من فرحتها تهرول سريعا نحو مقبض باب بيتها لتستقبل سعادتها على أول درج في بناية منزلها ليدخل الطبيب فيخبرها بيقين ما كانت تعلمه مسبقًا وهو أنها ستصبح أُمًّا بعد اشهر معدودات ؛ وكذلك الطفل حديث الولادة يشعر بالحياة، ف يهم بالبكاء قبل ان تبصر عينه المكان الذي سيعيش فيه ثلث عمره على الاقل قبل ان ينتقل لمسكن خاص به مع عروس تناسبه ؛ وكذلك كان حالي وأنا أتنبأ مولد سعادتي على يدك.

إنني مجذوب إليك، محمول على سطح الارض بخفة كما لو اني معدوم الجاذبية بقدر لا بأس به يجعلني اشعر اني من كوكب بلوتو او المشترى، كوكب يسير الناس عليه كما لو انهم بالون، يتطاير ويهبط على الارض بخفة ثم يرتفع وهكذا، انني منجذب بك وإليك كهذا البلون المنجذب للارض، لا يُسمع له صوت عند تحركه لانه بات ممتلئ بشء من مكونات الحياة جعلته رقيقا وديعا لا يثقل على احد.

ثم تغيبتِ فتوقفت حياتي عند ميقات تغيبك، وسكتت اعضائي، واصبحت كساعة على حائط لا يلتفت إليها الناس بعد ان كنت محور اهتمامهم، واكثر الاشياء تتبعها عيونهم ، انني دونك اُصبح بلا قلب، ساعة بدون بندول، اعيدي لي بندولي، نبضاتي، حياتي التي افتقدتها يوم ان سادت الغيوم سمائي فأخفت ضيائك، وتجمدت رئتاي حتى اصبح الاكسجين يحدث ضوضاء داخلي، كـ بيت خرب لا حياة فيه، مرعب، ليس فيه احد يقطنه سوى الموت.

وعند عودتك تشرق معالمي مجددًا، كأن الشمس تطلع من وجهي لتتعامد على راسي، حرراتها تكاد تحرق ثوبي، إنها الحياة التي لا تكف عن مضاجعة احلامنا، وكبح جموحنا الذي نأبى له ان يقع فريسة الواقع، انني معك ارقص على ركام الماضي، واشدو مع البلابل دون يأس من غدي، لا حياة لي إن لم يكن قلبي يتبعك، بعتثتيني من الحزن والبستيني ثوب فرح وغنيتي لي اغنية مصدرها نبضك المتفاعل مع نسيج روحي، إنني اعشقك يا... حورية الجنة، يا وردية الهيئة، يا عطرية الرائحة، وشهية النكهة، عقدتك على معصمي كساعتي التي لا تفارقني في ليل او نهار، أطّلع عليك كل حين، فكل دقيقة تمضي لا انظر عليك فيها فقد سُرقت من عمري، ومن أجل سرقة دقيقة اقيم حروب طاحنة لا تنتهي حتى استعيد من حضن الماضي ما خسرته وادفعه لحاضري وغدي.

بعثتيني بعد موتي، فكنت لك رداء لا يغفل عنك البتة، لا حركة لك في غرفتك او خارجها بدوني، إنني كبصمة يدك وعينك، خُتمت وشما عليك لا يمكن نزعه دون كشط الجلد وتمزيق البشرة، أحبك في كل الفصول، وفي الربيع أحبك اكثر ؛ وأكثر، وأكثر .. وأكثر وأكثر ؛ أليس كل فصولنا ربيع ؟ يا... ربيعة قلبي.


قلمـ فحمـ 
QalamFahm@

الثلاثاء، 1 مايو 2018

مملكتي

أجدني معك كما لو لم اكن يومًا من قبل على قيد الحياة، رؤياك فقط عن بُعد ميل تجعلني أشعر أني على مقربة من الحياة، لا شيء يمكن تفسيره أقرب من هذا الشعور الذي اجد نوره في عينيك يتبلور داخلي بوحا شجياً يغرد بألحان محبتنا المتوردة في كلتا عينينا الناعستين.

أغامر بكل ما اوتيت من حب لأقتحم قصورك، أشجب الاسوار المتعالية التي تتسبب في حجب الرؤيا عن عيوني، أناجي القمر ليعكس نوره على غرفتك، لأشاهدك... فأشاهدك ترقصين ومن حولك عرائسك المتبعثرين في غرفتك كما لو انك في حديقة وكل هذه العرائس زهورا متعطرة على بساط اخضر يانع.

ليتني ملاك مجنح، حتى لا أعاني كل ليلة من عظم الأسوار، وبرغم العناء الذي اكابده حتى القاك، إلا أن لؤياك تجعل من المشقة التي عانيتها قوة للقلب في بذل الحب مجددا بشكل أوسع، كالذي يعاني من حمل الاثقال حتى يبني جسدا صلبا منيعا، هكذا بنى قلبي محبته على أبواب غرفتك الطاهرة.

يا مملكتي التي لا تسعني بناية سواكِ، فيك شيدت أحلامي واخليت مخيلتي من كل شيء عداكِ، انت ومن لا يعرفك مثلي يا قمر الليالي الساطع، شمس نورك على ارجاء مدينتي تعلن بإحتلالك منزلي، وإني لاشتاق لمحتل على هيئتك، فليس هنالك إحتلال ممتدح، ولكن معك تتحول مفاهيم العالم الراسخة التي تعلمتها داخلي، تتبدل ولا شيء يبقى على حاله الذي ثبتت تجارب الحياة صحته، كل شيء يفقد توازنه، معك اكن بعالم متجدد لا يكف عن التحول والتبدل من جيد لافضل لمدهش.

انا ارتشفك في كل طُعمة اطعمها، أجد نكهتك في كل شيء، اوشكت على الجنون مما اجد داخلي من تضخم في القلب، مشاعر لا تتوقف عن الاستمرارية في الزيادة، اصبحت كائن سمين الحجم، ليس من كثرة الطعام بل من تضخم الحب وثماره الذي ينتجه الشوق، والرغبة في اقتلاعك من العالم وغرسك داخلي، وأن اتحول لمحمية طبيعية تحفظك من أيدي العابثين.

متيم، والنبض هائم، والروح تتهادى بين جبلين شاهقين، سجينك، وحريتي أن أجدني بين ذراعك، أغار من قلادتك التي تحتل مكانتي فيك، رغماً عن أنفك لن أدعك حتى تعلقيني عقدا من لؤلؤ يتدلى من عنقك ليهبط على صدرك، يرقص مع خطواتك، أينما تواجدتي كنت معك على مقربة من قلبك اسبقك بفمتوثانية حتى أُأمّن طريقك نحو المجد الذي ارسمه لك في قلبي.

قلمـ فحمـ
  QalamFahm@

الأحد، 29 أبريل 2018

أين المفر ؟!

أتيتك بقلبي فلم اجدك ! فجالستني أحدّث نستختك المطبوعة على جدار قلبي، إلى أن تأتي فيتصفحك وجهي...

ليت الشوق كالحرف يُكتب ليُقرأ كما يُحس، وبرغم أن له نعيق لكنه لا يُسمع ! يحس دون ان تجد له ملمس، هو قصر مشيد ؛ لكن لا عمدان له ولا جدران يمكن ان يتخفى خلفها صاحبه من وجوه الناس التي تعرفه.

يظل عريان من يعشق حتى ولو اكتسى بكل أثواب الناس، يبقى عريان إذا ما طل عليه من أستهل غرامه، تنكشف سوأته معه، ويبدو بلا اقمشة تستره، عريانا بأكمله ليس من الثوب فحسب، بل ومن الجلد ايضًا !

وعند استقبال المحبوب دون ميعاد مسبق، يجن كل من مس روحي بالجنون، كيمياء تتفاعل داخلي، واتحول ببساطة إلى قِدر وصل محتواه لدرجة الغليان، لا أحد يشعر بي غيري، لأن الغطاء محكم الغلق، ولو رُفع الغطاء لأصاب كل من حولي العطاس من شدة ما سيجدو من الّسِنة أبخرة مشتعلة، مشبعة بتوابل الغرام الحارّة.

لا شيء هنا يستطيع إيقافي الآن، فقد أمتلئت بالطاقة من بعد طول غليان، شفتيها المتوردة لا يمكن تخيلها دون ان تُذاب، عينيها الملائكية اخشى عليها من العمى إذا ما سنحت لي فرصة للاقتراب من شدة ما ولدت داخلي من محروقات، انني متشبع بها حد التخمة، وكلي ومن حولي آيل للسقوط من شدة تفحمي منها !

وآآآه من هكذا شعور يقتلعني من مكاني ويركلني كمدفع يدفع دانة لعالم اخر تتناثر فيه الكتلة المتماسكة لشظايا، هكذا اتبعثر عند مخاطبتي لها وكأني للتو تعلمت القراءة والكتابة قبل تعلمي النطق باللسان، ليس هنالك جملة صحيحة اكتبها وانا بين يديّ صاحبة الدلال !

ف دون محبتها لا اجد لي هدفاً، ولا غاية تُتّبع، ولا هويّة تذكر، معك احظى بشتى انواع النعيم وإن كان لعذاب المقيم ظاهره، ودونك يكفي أن ابلغك أني وحيد حتى ولو اجتمع حولي مخلوقات الله مع تنوعها شكلا ولونًا، الحياة عندي = أنت، ولا حياة لي بدونك.

والشوق يحرق الغضب ويُبقي الحب خصباً في صدري متوهجاً يربو بالداخل إلى ان يطفو على سطح وجهي فيغرقني، والغياب كالموت لا أطلبه، إلا أنه يأتي بغتة من حيث لا أحتسب، وليس هنالك غياب يخلو من بؤرة أمل، فالغياب ما يميزه عن الموت أنه كما يأتي يذهب، وهذا ما يجعله عن الموت ارحم.

انت الوطن الحقيقي، والذي لا أرفض ان أرتدي لأجل حمايته بزة الجندية، كل لباس ارتديه وانا اهِمّ لعمل ما ليس في خدمتك لا يلائمني، وحدك ولأجلك ولا لسواك اشدو بمحبتي التي بلغت مني مدى لم يبلغه شيء قط قبلك .

ها أنا أستأذن سموك كي اضمك لصدري، واقتلع شفتيك من وجهك، وامضغها في فمي، وأنا اتنفس من رئتيك كرجل على مقهى يدخن، إلا اني استنشق منك رائحة الجنة، يا ويح جنوني عندما يبلغ الافق، يجعلني اثمل دون ان يمس ريقي شراباً مٌسكراً !

قلمـ فحمـ
    qalamfahm@

السبت، 21 أبريل 2018

إستثنائية ..


إعصار حبك يجتاحني ؛ بينما انتِ تقفين على مقربة مني تنظرين بذهول من عظم تأثيرك الذي هيمن علىِّ !
من أنتِ يا من تمرستي الغناء على قلبي حتى أُصغيت إليكِ بأذنيِّ فيل. جوبت المدن بطولها وعرضها أسمعك، وأكتبك، وارسمك، وأنت في خضمّ الصباح تجلسين على اريكتك ترتشفين قهوتك، وتسكبين ماؤها على إحدى ورقات الشجر، فتستقي اغصانها من محبتك التي لا تنضب، فَهيّج صنيعك هذا عصفور كان شاهد على رقتك، فأنشد يشدو بالغناء ليشكر لك صنيعك، فأطربني وهو يُسمعك تغريدة تنشّط حواسّك، وتصفيِّ بها ذهنك لــ... أستقبال يوم من أيام الحياة بوجهٍ طلق.

مجنون وإني أعترف لك بذلك من خلف أوراقي، مناجيًّا خيالك ألّلا يرتقي أعلى من منسوب تمدد جناحي، كي يتسنى لي اللحاق بكِ قبل أن يسبقني إليك سابق يجني على أحلامي، مفتون بك والجاني حسنك الذي ظفرني قبل ميلادي، وبعثر أفكاري، وشتت نضالي، وجعلني أكرس كل حياتي في مرضاتك.

أتذكرين يوم غزوتيني بسهام كيوبيد الثاقبة حتى خارت قواي التي كنت أظنها كافية لتبقيني حيًّا صلبا لا يخترقني أعتى قناص ؛ ولكن... هيهات.. هيهات.. فلم أكن أحسب لهذا اليوم حساب ؛ يوم أكن طريح الفراش مريض، ويعجز عن توصيف مرضي الأطباء !

كفاني هذيان الآن ! فأنا متعطش لأن تضميني اليك حتى اتنفس من رئتيك أكثر مما تمنحه الحدائق، و ان تظلليني من قرص الشمس المتعمد إهلاكي ! كي يتسنى لي أن انمو بسلاسة تحت ثيابك، وارضع من ثدييك الحب النقي الذي يقيم صلبي ويجعلني أنهض راكضا كطفل لا يسعه العالم كما يسعه ذراعك.

ما دمت احاول المرور من جانبك فهذا يعني إنني واقع في الحب لا محالة ، هالك كالذي يرغب ان يسبح بطول البحر من دون ان يغرق، يتخيل ذراعه قادر على تجاوز المستحيلات ! أي جنون هذا الذي يصيب الرجل الناضج فيجعله مراهقا يرتكب الحماقات بإستمرار ، عاجز عن فهم ما يحدث في اعماقه من اعاصير لا يجد لها سببا واحدا مقنعا لحدوثها !

عجيب حالي هذا الذي لم اكن يوما عليه حتى رايتُني في عينيك، ومنذ تلك اللحظة وانا ايقنت ان الذي آراه أمامي في المرايا ليس اكثر من صورة ؛ والاصل (الحقيقي) هو ما كان في حوزتك ، أصبحت لا اميزني إلا وانا معك، فبدونك انا لست اكثر من نصف كائن متحرك فاقد للهوية، لا يلتفت  لي احد في الطرقات وتمر الناس من خلالي كالفراغ، وعند سطوع شمسك اصبح محور الكون وتدب في داخلي الحياة واسترد نفسي التي لا افقدها إلا بعد نهاية كل لقاء ! آآآه من العِشق آآآه، يفتت بنيان الرجل الصلب الشاهق البنيان، ويجعله كائن رخوي غير منتصب القامة، متناثر كالنجوم غير متماسك كالقمر ؛ العشق فيضان لا يؤمن بالحركة المنتظمة السرعة في الجداول، و لا يسعى لترشيد قواه، أنه يأبى أن يُحدث نظام في المستقبل يشبه  ما يفعله النهر الذي يعرف من اين ينبع وإلى  أين يصُب !


قلمـ فحمـ
    QalamFahm@ 

السبت، 14 أبريل 2018

جبروت إمرأة

توقفي عن سرقتي، لم اعد املك شيئا أكثر من مجرد احلام، واليوم احلامي لم تعد كافية لتسعدك! 


انني اصبحت اترنح بين جداري الحلم والواقع! غير قادر على الحركة لمواصلة السير تجاه اقرب الطريقين إليك، اكاد اتوقف هنا أنا واعضائي كتمثال يرتدي ساعة، كل شيء متوقف الآن إلا القلب الذي يمثّل دور الساعة في يد التمثال. وحده المتحرك وسط هذا الثبات القاتل. ليتني متماسك كقطعة حلوى أحسن الطاهي في اعدادها وطهيها، لكني وللاسف لم استطع حتى أن اصل لهذا التماسك الركيك! كيف اكتب المزيد اليوم وانا خائر القُوى ابكي شوقا؟! كيف ليدي ان تتمالك القوة المفرطة لتردني لنفسي؟!

سحقا لقوتك، لتمردك، لجمالك الذي جعلك مغرورة بصورة كبيرة، كونك جامحة كمهرة لم تلد مثلها فرسة من قبل .. لا يعطيك الحق لتمزيقي تحت حوافرك الصلبة!

فـ لا تخدعيني بقولك..."انا مغرورة؟! ثم وان يكن.. كيف لي الا اكون مغرورة حين تنزف اشواقك امام قلبي، وترسمني السماء والارض والشمس والقمر انت تضع الحياه في كفي، وتطلقني فراشة ترتع في ربيع دائم"

كفى كفى... اصمتي قليلا وأسمعيني - إنني اموت عطشا لك، والماء في فمك ولا تأتي به لشفتيّ كي تطربيها بالري! انني اصبحت كغصن جاف يابس، والشوق  كالكلب المسعور لا يدع لي باب مغلق إلا طرقه ولا عضوا مسالما إلا عضه! انني ممزق على الارض، والشمس والقمر شاهدان عليك ايتها القاتلة في ثوب قديسة! اما اكتفيت من الطغيان ورفضك الحد من جبروتك ولو قليلا، الم يكفي العالم كله اسدا واحدا يدمر أركان سوريا، حتى تأتي لبؤة بمخالب حادة وأنياب صلبة كي تتعدى على وداعتي وتقصفني بمشاعر فجة! 

سحقا لهذا الجبروت، فليس لي بطريات دفاعية صاروخية تحميني، ولا طيران  يعليني ولا قطعة ارض سالمة من المتفجرات تأويني! أليس كان من الأولى أن يحميني قلبك، ويخبئني بين ضلوعه، إنني الآن أشبه بسهم مارق اطلق بليل  وهو لا يدري اين سيسقط! والسماء في الحروب يتبدل ثوبها الصافي بالملبد بالغيوم، أليس من الآولى أن يكون صدرك مسقطي؟!

إن  بكاء حار جدا يعتريني، خديّ قد تيبسا ولم يعودا كأول امس ممتلئين بحمرة كوجه طفلٍ يأمل عالما ممتلئ بالزهور ويعلوه قوس من القزح  كما لو انه يشاهد فيلما كارتونيا! اي حب هذا الذي لا يدع لي شيئا على حاله، امرضني حبك حتى تهشمت قدمي من شدة البحث عنك، وجف لساني بسبب الصراخ مناديا عليك، وتكسرت اصابعي حتى عجزت عن تناول القلم وسرد أوجاعي  لقرائي...

قلمـ فحمـ
   QalamFahm@

السبت، 10 فبراير 2018

أتوق إليك

على مقربة من شفتيكِ حدثني فمي أن انزع عنه لباس الصوم، وأبلل ريقه بماء شفتيك التي قد تعيد لأعضائي الحياة من بعد أن جففها الصيام دهرا؛ مذ أول وآخر أنثى قبلتني ... وكأنتـــ من أمي !

أتعلمين .. إن روحي لتتوق لتطويقك في حضني كما يفعل السوار بالمعصم والخاتم بالأصبع، أرغب وبشدة أن لا اترك لرئتيك متنفس، وأن لا أدع الحياة تمس جزء منك إلا وكنت أسبقها إليك حتى لا تعبر نحوك أي نفحة من الحياة إلا وكان عبورها من بوابتي ... 

عند مطلع الصبح تبادريني بالضحكات لحظة دخولي عليكِ، وبأصبعك السبابة ترسمين على يمين صدري قلبا يشع منه بريقا، تنقشين عليه اسمي (حبيبي) بإظافرك المطلية بلون الغيرة (الأصفر)، وعلى حافة الليل تقف بجانب الشمعدان ليجتمع قلبينا مع العشاء لتذهب كل يد في ذراع يمثلنا في فم الآخر ليطعم قلب محب قلب حبيبه والهواء تدفئه الشموع قبل أن يمس بشرتنا التي أمتلئت بالحمرة مذ أصبح الحب حاضر معنا أينما أجتمعنا وتحدثنا.

في مفترق الطرق اراك ميدان... مصدر الحياة ومتنفسها، كل الناس بعد ان يخطو بقربك يتفرقن إلى أماكن شتى.. إلا أنا ! أظل ادور من حولك دورة الحجيج دون نهاية، أسعى من بيتي إليك كسعيهم إلا أن سعي ليس لها منتهى، غريب حالي، ويزداد غرابة عند ملامسة يداك لطرف ثيابي، ارتعد من الداخلي كمن بعث بعد الموت ودبت الحياة فيه بخطى ثابتة لتعيده إلى مقدمة الصفوف بعد أن أرِم !

تغيب فتظلم الأشياء من حولي ثم ما تلبث أن تجييء فتشرق الشمس وتزهر الورود... غيابك قاتل، لكنه غير مميت، تأخذني اللوعة والشوق عند بابك فأطرق، وألزم الطرق حتى تفتح لي , فكم أحبك واشتاقك وكم اتلوع بك ومنك، ولكن أبدا ما كرهتك، أو سئمت منك، فكلي وما بي يسبح بعشقك.


qalamfahm@

الأحد، 21 يناير 2018

رقاقة عشق

رقاقة عشق في فرن القلب تٌطهى بشغف كي تُلتهم بمحبة جارفة، 
فتستعيد بك الاعضاء أيام الهناء والسرور المنقضية منذ زمن.

وهج القلب لا يبعُد عن جدول ماء خطاكِ 
المنهدرة من على مرتفعات اللذة الكونية القلبية،

وشموع التماسي تمس بشرتي عند هبوب رياح محبتك 
فتحرق ليالي البرد الممسكة بيدي مذ ابكتني مشاعري لفراقك.

التمسي لي عذرا فأنا من دونك لا ابالي بحياتك، 
اموت وقدمي تخطو على ظهر الارض كبقية الناس.


وحيد في ليلة سمر، لا اجدني سامر كغيري من المتسامرين، تحت حفيف الاشجار يغازلون من يتشابكون بأيديهم في ليل تهامي، وانا كعادتي وحدي اغازل اعمدة مصابيح أضواء الشوارع المكتظة بالعشاق.
لا تحيدي عن طريقي فأهلك، 
وبثي أشواقك عند مطلع الشمس فأستدفء بك .. لا بها، 
فإني لأستنير في سيري بمظلتك، تظلني عند هبوب الرياح المحملة بالاتربة.

أمطري محبتا، 
أمطري عشقا، 
أمطري شغفا، 
أيقظي الميت الكائن بصدري الايسر.

أِشعلي مصابيحي 
اشعلي مدفئتي، 
أذيبي الثلوج عني، 
احمليني كمنحوتة صنعتيها بيديكِ، وشكّليني.

   qalamfahm@

الاثنين، 15 يناير 2018

غريقك !

وما باليد حيلة كلما تغيبت عني وجدتني حسيرا حزينا ابكي الوحدة التي انتزعتك مني وجعلتني في ركن بعيد وحدي ابكيك حتى تأتي .. وليتك تأتي !!
غريقك والعين قد اشتكت من شدة بريقك، كلما حاولت اصطياد تعابيري لتسابق نورك عكسها ضي وجهك علىَّ فأنقلبت حزينة بائسة لانها وجدتك اكثر بريقا ولمعان منها.

مجيئك وحده هو ما يضيء غرفتي ويذهب عنها الظلمة، هو ما يجعل حلول مجيء الربيع قريبا ممكنا بعد بشريات قدومك، ماذا افعل انا حين لا اجدك من حولي، حين تنتفي صورتك الحالمة من على جدران منزلي، حين لا اسمع لك صوتا داخلي، كل الابواب مغلقة وقلبي مفتوحا لك فهل اتيت؟!

انتزع الوريقات من راس الوردة، ورقة ورقة حتى تتهاوى الورود من بين قدمي طريحة الارض تزاحم نعلي، وهذا الفعل الشنيع الذي افتعلته سببه زيادة حدة قلقي الذي اود تهدئته من طول غيابك، احاول اعد ساعات الليالي الباهتة والتي فيها النجوم هي الاخرى شاحبة كوجهي من طول السهر، والشتاء لا يكف عن دفعي للهلكة وركل مؤخرتي بعيدا عن الفراش حتى لا يتسنى لي تذوق ساعة من راحة في ليله القارص، اي قلب انت ذاك الذي تحمله في صدرك حين تراني مجعد الاعضاء من شدة البرد وانت تحت غطائك المنعم بكل سبل الترفيه والراحة، ووحدي من ينازع الموت البطيء!

كٌف عن الغياب .. وتعلم من الشمس ! أن بعد كل غيابٍ إياب.

قلمــ فحمــQalamFahm@

السبت، 30 ديسمبر 2017

وعلى هابيل السلام

جلست على أريكتي التي بجانب شُرفة غرفة مكتبي مستعينًا بعيني لرصد كل ما يتجول من حولي، فرأيتني ويكأني في صالة دور عرض سينما، أو أمام خشبة مسرح أشاهد كل ما يعبر من خلال عيني .. وأنا لا أبالي !

تمضي الساعات في ذيول الأيام، والأحرف في ركب الكلمات، أري الصغير يشيب قبل الأوان، والكبير يطمح في عمر آخر يُضاف إلى عمره المديد ليتسنى له البقاء إلى أن تفنى الأكوان!

عام ومن خلفه عام، إلى أن تصبح المحصلة أعوام متكدسة بالسنين العجاف تمضي ليتسع المجال لأخواتهن المفلسات بأن يدلين بدلوهن على كوكبنا المشؤوم مذ أول ليلة وطيء فيها لـ آدم الأول قدم على الأرض، ومن ثمة وُلِد قابيل وهابيل، فمات الطيب مقتولاً! وبقي قابيل ومن هم من نسله من بعده يستعمرو الأرض، فبذرو في تربتها بذور الكراهية، وأقاموا على اليابسة من يجردها من زينتها، قطّعت رؤوس النخيل وأُقتلعت الأشجار من جذورها، وجرفت المزارع والحقول والحدائق الغنّاء، وتم القضاء على سلالات عديدة من حيوانات بإسم الصيد والمرح والترف و,,, وسفكوا دمائهم فيما بينهم من اجل العروش ومِلء الكروش "كرام كانو، أو لئام" أختلطت الدماء الزكية بالمنتنة الكريهة فتشبعت بها التربة لحظة انقطاع القطر من الله. 

ويكأن البشر باتوا يعيشون في صراع السبق على إفناء سلالتهم، الكل أصبح يهرع لإفناء الكوكب من أخيه الإنسان ليتسنى له العيش على ظهر الكوكب بمفرده! حتى ولو وسعتهم الآرض جميعا، أو اتسعت لأضعاف أضعاف اضعافهم فهم على أتفاق غير معلن فيما بينهم، وهو أن لا يكسر أحد  قانون الغاب، حتى لا يعبر القطار من بينهم إلا وكان محمّلا بجثث من كانوا يطمحون للعيش بسلامة .. ولا حياة هنا للأبرياء. وإن شئت لقلت ... لا حياة هنا لأبناء هابيل! .. فهم غير مرحب بهم هنا.

هنا في عالمي المشؤم هذا .. يحتفل الناس هذه الأيام بنهاية العام! أو قل يحتفلون بقرب الآجال، يقيمون الأفراح وليالي الملاح بالرقص في الحفلات على إيقاع الطبول، ويثملون حد بلوغ الجنون! الجنون! الجنون!، يا إلهي !! ويكأنني اقول أنهم العقلاء حتى أتى ساقيهم فأذهب عقولهم كما يُذهب خيال المآتة الطير من على ظهر الحقل، هم الحمقى ولا شك في ذلك، وإن ارتدو النظارات الطبية الكبيرة التي تتكئ على انوف مثقفيهم في الازمان الغابرة التى تتتابع علينا.

فأنا على أعتاب عام جديد أقف، لأودع عام من عمري، فقد أصبحت مثل شجرة في فصل الخريف، تسلم أوراقها بالتتابع عام بعد عام، شجرة لم أزينها كما  يفعل المارة من امامي بشجيراتهم البلاستيكية ليلة ميلاد المسيح، المسيح الذي عاش على ارضنا غريبا، اليوم يُحتفل بميلاده! وياليت احتفالاتهم الصاخبة بميلاده الكريم كانت تتم بتشيد ملاجئ لإستضافة الغرباء والمشردين والجوعى الذين لم يعد لهم مأوى بعد أن أفنت الحروب شجرة عائلتهم، فأصبحوا من بعدهم اغصانا فرادا ملقاه على الأرض تذروها الرياح، لقد التهم صقيع الشتاء عظامهم مثل كلب مسعور، وثقبت ملابسهم وعبر منها الريح كعبور الرصاص من صدر الأطفال، فلم يجدو ركن يركنون إليه حتى يجمعو قوتهم لمزاولة طريق الحياة المُر الذي كتب عليهم،،  أليس من الآولى أن نقدم لهم يد العون بكل ما اؤتينا من عزم وقوة حتى يهنئوا بليلة الميلاد معنا.. تلك التي اصبحت مقدسة بكل ألوان الصخب عند عديمي الأبصار.

كم انتم بارعون ايها البشر في التمثيل، عجبت لكم، تمتلئ اوطانكم بدور السينما والمسارح في الميادين العامة، وتتقاتلون فيما بينكم من اجل الولوج إلى داخل صالات العرض لحصد مكان متقدما؟! لماذا كل هذا الجهد؟! وانتم جميعا بارعين ومبهرين في التمثيل على خشبة عالمنا التى تجمعكم جميعا مع محترفي التمثيل، بل وخالقي أنكم لأبرع  مما تشاهدون عبر التلفاز والسينما والمسرح وكل مكان تقام فيه فنون الزيف، ولأننا مفلسون من كل ما هو هابيل، ومتشبعون من كل ما هو قابيل، فقد ابدعنا صنعا في التنقل من عام لعام ونحن نحمل صفات أبن آدم الأول المشؤوم قابيل على ظهرنا حتى انحتى فينا كل عضو قائم.


كل عام وأنتم بخير يا أبناء قابيل! 

والسلام على روح هابيل، وكل من حمل في قلبه هابيلاً.

   qalamfahm@

السبت، 9 ديسمبر 2017

أريد ضعفًا !

سئمت القوة بكل ما تعنيه من تحمُّل!

أريد ان اكون طفلك يومًا

و اتدلل.

الصلابة انهكت قواي، وافنت شبابي مع  كل صراع... فإن لم تأتيني مشيا، أتيتك مهرولاً.. وأكملت معك المشوار.


أتذكرين...

حين كنت على ساقي تجلسين كطفلة اطعمها بيدي، فماذا لو اطعمتيني اليوم أنتِ بيدك ؟ وأنا أشاهدك؛ كما كنت أفعل معك وانت تتحركين أمامي كـ فراشة حطت على زهرة مباركة.


 أقولها...

وسأقولها ما حييت.

أريد كتفا..

اريد ضعفا..

سئمت القوة، والأقوياء.


أريد...

أن اطبع قبلتي على ثوبك الأرجواني، واستنشقك بين ثديك بمجامع رئتيّ.


أريد حبا...

وسأطعمك حد التخمة .


هيا البسيني ثوب أمان وسأبقى...

أعدك بأني سأبقى خالداً معك حتى بعد فناء الجيل؛ سأبقى كالنجوم من حولك يا قمر، ولن ارحل مع أقلاع الشمس.


تعالي... مابكِ؟ لا تخافي! 

تعالي وسألبسك ثوبي كي لا يتعرف عليك الشتاء فيحاصرك من كل اتجاه، تعالي و سأحيطك بين كفوفي بوئام فيحل عليك السلام و...


سأطعمك القبلة كالطعمة

سأهديكِ نبضة تتبعها نبضات

سأغرد على كتفك معزوفة سلام

سأرسو على شواطئك ولن ابرح موطنك

سأقضي الصباح والمساء  تحت سمائك... أذكرك.


سأكن تلميذك المقرب، وسأحفظ دروسك.


ساغرقك في شواطئي المتلاطمة بمحبتك حتى تتشربين ماء قلبي... وتثملي.


ليتك تغزوني...

لأرتاح مني !


أتعلمين ؟! كل من هم حولي يعلقون آمالهم علىّ، يستندون على كتفي، وأنا معلق بك كقلادة يوم عرسك، احملها على صدري... واهرول بها نحوك.


أنني فارسك القابع تحت ثيابك، احملك فلا يراني سواك، ادللك بكل ما بي من حنانٍ ووفاق؛ عشقت عينيكِ الناعستين حينما يدنو الليل بكل ما يحمل لك من راحة بين يدي


كلي يذوب في هواك، وأنا اتنافس لأجل الحصول على  قبلة هواك الابدية، اخافك واحبك! وادوب بسلاسة أكثر وأكثر وقلبي بيضعف كعادته

في هواك ويزيد....

الاثنين، 25 سبتمبر 2017

قلبك مدينة لا تنام !

تهاتفك روحي، فيُسمع دبيب قلبي  من بُعد كذا وكذا، يطوق إليك، وإني لمستبصرا بك، وكلي شوق للقياك...

كل طريقٍ أخطو على ظهره بقدمين ثابتتين أراكِ فيه تقفين على جانبيِّ الطريق كالنخيل، مُرحبتا بخروجي من منزلي إلى أن أتيك بالخبر اليقين، فأنحت على جذوعك قلبي، وأفرغ ما بي فيك، وأخبرك إني ليك.

أعاتبك حين تغيبين، فأجدك في منتصف الطريق تضعين حواجز تعوقني إلى حين، أهجوك شاكيًا مما أجد في نفسي من إحتلال تعدّى حدود تحملي، فتسبق شفتيك كلماتي تقبلني، كي أنعم بوجهٍ سعيد!

هاتفتك الليالي وهجرت أوراق الكتب! فأتاها الغبار مدّعيًا محبتها والإعتناء بها، مهاجرا الشوارع المزدحمة بالمارة ليقطن مكتبتي الفارغة مني بعد أن اطمئن قلبه أني إليها لن اعود !

كل الشوارع فارغة، إلا منك...

وعند عودتي للمنزل بعد خلو السماء من الشمس أعدّ قهوتي (السادة) وأذهب بها إلى مكتبي كي أكتبك، فما أن أقدِم على إحتساء أول رشفاتي من قهوتي إلا وأجد نكهتها حلوة في فمي، ويكأني صببتها  من فمك.

شحذت همتي كي أقبض على القلم بمجامع يدي لأكتبك، ومع كل حرف اكتبه تقرع طبول القلب، واشعر اني غير قادر على استكمال الكتابة حتى تنتهي المعزوفة، اعني فنجان القهوة، إنني أعلم جيدا أن الرشفة الواحدة لها تتابع ينبغي أن أنتهي منها أولاً حتى أتابع.

ثمَّ وقعت عيني على الجريدة وانا غارق في إحتساء القهوة التي أطمح أن لا تنتهي، فإذا بالأخبار تتحدث عن اعصار وزلزال، فخرج فؤادي عن صمته قائلا... 

" وخالقي ليست امريكا أول من نزل بها اعصار مدمر، وليست المكسيك أخر من ترتج أسوارها من الزلزال، انما انا ايضا قد حلّت علىّ اشياء لا يمكن تحملها، انني اسقط في يديك كقطعة الحلوى في فم الطفل تتناقل بين اسنانه الصغيرة كرقصة على شاطئ بحر ثم تنصهر وتذوب حد التلاشي... فلماذا لا اجد الجرائد تهتم بأخباري ؟ ألست واحد من الناس!

فما ان انتهيت من قهوتي، وطويت الجريدة والقيت بها جانبا، وهممت لأستكمال ما كتبت إلا وحضر النعاس! وأين القهوة التي كنت اتكئ عليها؟ أذهبت مع الريح؟! أم تحللت سريعا كقطعة سكر في فمي؟!

والعجيب الذي كان من القهوة وعلمته حين أصبحت، أن مفعولها لم يكن لأجل  إطالة سهرتي على الكرسي! بل لأجل أن يطول أمد نومي، لأن الحبيب أعد العدة منذ الرشفة الأولى كي يتسلل من بين جفون عيني ويأتيني خفية ليكمل سهرته بجانب جسدي النائم، بعد أن أزعجه قرع طبول قلبي، فأتى ملبيًا حاجًا من حول فراشي.

ومنذ تلك الليلة وقد باتت القهوة إكسير حياة، يوم كانت دواء ومرسال غرام، تحملني للحبيب كالسفن الطافية على الماء، ليُنزل على جوارحي السلام، ويعم الأمان سائر جسدى، والقُبل الحمراء لا تفارق وجهي، والنعيم المقيم يأسرني.

فكيف سيكون حالي إذن... لو كنت امامي في يقظتي ومنامي؟!

الأربعاء، 20 سبتمبر 2017

كالهواء نحيا به ... لكننا لا نراه !

في داخلي تلمست جدار.. صامت.. لا يستفيق من يتكئ عليه إلا على صوت الذكريات، أحلامه كعيدان الكبريت، وأمام بوابته صرح عظيم شيدته تراكم أفكار قاطنيه الذين سبقوني على مر العصور، بدأت خطواتي في اكتشافه بتؤدة، توقفت عند بعض معالمه التي اشبعت شيئا ضئيلا من جوع روحي للسعادة، ثم أكملت المسير حتى ترائى لي ان العودة باتت مستحيلة، والحلم هو الآخر بات حقيقة، ليست الحقيقة المتعارف عليها بين الناس بـ (الواقعية) المعاشة التي يمكن ان تتحرك عليها الأقدام أينما شائت وإن رافق مسيرتها بعض التحفظ إلى ان تتخذ لها فيها منزل أو طريق نحو ما تصبو إليه في بناء ما تود ان تكون عليه حياتهم، بل هو سجن ضيق يأبى أن يراني فيه نجما ساطعا سعيدا!
مشاعر جدارية تتصاعد شيئا فشيئا من أكفف الحياة إلى وسادة متحجرة خالية من كل شيء ذو قيمة، تيقظني من أحلامي لتفتح أمامي بابًا نحاسيًا مصبوغًا بالحنين!

حلم يستأسد على واقعي، كي يرديه قتيلاً، فيشفي غليله ويحني رأسي أمامه تعبدًا مقيتا وإذلالاً سقيما، غدر أعضائي لي يؤلمني كلما رأيتني أسير فيه دون ارادتي، ولا يسعفني عقلي في إتخاذ حيلة تنجيني من هذا السير المنتظم نحو الهاوية، والذي يشبه خطوات الجندي عندما يحتفي  بنفسه أمام القائد وخطواته السريعة وجسده الذي يشبه الخُشب المسنّدة. إن هذا الحال الذي يمثله الجندي أمام قائده يحدث معي أمام أحلامي التي يقودها قلبي تحت وطأة عاطفتي التي تمردت على عقلي فنالت أستقلالها، واصبحت سيدة نفسها، تفعل ما يحلو لها دون العودة لبقية الجسد، إنها باتت جائعة  للحرية أكثر فأكثر، على الرغم انها الآن تنالها بقدر لم تكن يوما لتتخيله، والعقل المسكين الذي كان يملك زمام الأمور بات في خبر كان.. كسيح!

إنني مبتور الأصابع بعد أن غادرتني عاطفتي، والبيانو لازال يشدو بأسمي كي آتيه، وما الذي يمكن أن افعله بعد إتياني إليه سوى المزيد من الأحباط والعجز! إن الساعة التي لا يمكن أن يحركها الزمن لا يمكن أقناع الناس بشرائها.

الأحلام والواقع مجتمعين في عيني، متناغمين على أختلاف مصادرهما وطباعهما، أراهما أيضا يلاحقاني في عينيّ أنثى لها نفس لونين العينين المختلفتين! ماضي ومستقبل بينهما حاضر مبتور! مثلي، إنه الحاضر الذي اسعى لإستكماله معها كي تجد صورتنا ذاتها بين الصور المعلقة على حائط الذكريات، ولكني وانا في طريقي معها أسعى نحو الكمال .. غرقت في قاعها، وتجمدت حواسي كلها، لم اعد اراني كائنا متحركا كالصورة التي كنت عليها من قبل! لم يعد يُسمع لي صوت بعد ان توقف اللسان عن الحركة، إن كل شيء بات ساكنا تماما، إلا شيئين إثنين .. معدومين ثالث يجاورهما الحركة، وهما: صوت دقات تُسمع من شق صدري الأيسر، وساعة على معصمي الأيمن، الأولي تضخ الدم، والثانية تدفع الزمن الذي يقف امامي كحجر عثرة.

إن البوابة التي فُتحت لي تلك، النحاسية العتيقة التي تشبه بوابات الاحياء القديمة التي كنا نعلّق عليها رؤوس أعدائنا الذين كانوا يعدّون لنا المكائد يوم كنّا أمة تستحوذ على المجد كله، يوم كان الرجال عملة رائجة في ذاك الوقت! تلك البوابة التي لم اعد قادر على نبشها بأظافري، والتي تحجب عني نور الشمس، من تأبى ان تمنحني حريتي، كانثى متوحشة سادية ترفض أن ترحل دون أن تمتلك كل من عجز عن امتلاكه اسلافها. هي ذاتها صاحبة العينين المتوردتين في وجهي، هي اللعنة التي تأبى ان تفارقني، هي الشفرة الغير قابلة للفك! هي التي تجد في مسعاها يوم أن تخاذلت أمام نفسي حين سنحت لي فرصة الهروب ولم اهرب ظناً مني أن الحياة تنسي بعضها بعضا، فما يأتي يوم إلا ويمحي الآخر، إلا انها لا تُنسى. هي الأقدار التي يأبى خالقنا أن يغيرها، أو يتيح لنا فرصة التغيير بأنفسنا، إنها الخطى التي تكتب علينا شئنا أو أبينا، انها الخلود في الأسر من أول رمق في الحياة إلى الخاتمة، إنها الصرخة التي يفهمها كل كائن حي برغم انعدام اللغة المنقولة على اسطرها، إنها سَكرة الموت التي لا تحتاج لتفسير كي يفهمها المشاهد ويعي نتيجتها. إنها البرقية التي يرسلها المرسل فارغة لاهلها ليتفحصوها ويعلموا ما فيها وإن كانت خالية من الاحبار فليست خالية من العنوان الذي استطاع الساعي ان يأتي بها من دون أن يخطئ مقر أهلها. هي الخواء الذي نجده في بطون الطبول الفارغة، الجنون الذي يأبى أن يتخلى عن العقل في ساعات الهزل. الشجن المتراص على الارصفة بين اقدام الباعة المتجولين الذين يقدمونه للناس ثمنا للحياة، انه الشيء الذي لا شيء فيه... 
كالهواء نحيا به ... لكننا لا نراه .

الثلاثاء، 15 أغسطس 2017

لست شبيها لأحد

حين تغفو عيني يستيقظ قلبي! يستيقظ على قرع نعلك على صحيفة صدري، على منحوتتك القابعة في ميدان روحي، والتي شكلتها بنفسي كي تشاركيني نبضي، أن تقذفي بقلمي ودواتي خلف ظهري، وتضعي كفك الحاني على صدري، أن تبتسمي لقرص شمس اغسطس الحار، وتخبريني بأن الربيع لقادم، أن تثلجي صدري ببتسامتك ومعي تغني أغنية لم يغنيها يوما احد ساقط، أن تعيشي للخلود، وترسمي لي ظل ممدود، كي لا تخطئه عيني وانا اصطحب فؤادي إليك،  في رحلة اقتفي بها اثرك اللامع عند استيقاظي.


إن الحياة معي غير متجانسة اطلاقا، الناس، الحيوانات، النباتات حتى الجمادات في معظمها لا تشاركني احلامي ولا اشاركهم الرغبة في امتلاك اي منهم.

أن تعيش وحيدا لا تعني أنك ميت،
أن تعيش وحيدا تعني انك لست شبيها لأحد.

لم يُخلق لك بعد شبيها يشاركك حياتك، يسير على نمطك، يغرد كالبلبل الذي لا تخلو  منه نافذة عند مطلع كل صباح ،

توأمة الروح ليست بالضرورة ان تأتي لكل أحد، فهنالك من خلقوا للوحدة، لان طبيعتهم لا يمكن لها ان تختلط بكل جنس بشري يشبهه في الهيئة ويختلف معه في المحتوى.
محال ان يقبل الماء العذب الزلال ان يختلط بالزيت، وهل يمكن للماء ان يقبل بأن يشارك من يزيد النار قوة إن اُريق عليها، وهكذا بعض طباع البشر  من ذوي الندرة التي لم تنجب ارحام النساء مثلهم إلا ما ندر، إنهم هؤلاء الذين لا يحبون منتصف الحلول، ولا يركضون نحو الهاوية اي ما كانت لأرضاء الحمقى من البشر، إنهم الذين لازالو كما هم غير ملطخين بالوان الحياة المزيفة، الوانهم طبيعية لا تقبل ان تتحول أو تتشكل على ايدي آثمة، تأبى أن يتم استخراج منها الوانا مع مرور الوقت تتحول لاشكال باهتة، ترفض وبشدة أن يتكاثر تعداد الألوان في اللوحات التي تنجبها ايدٍ مراهقة.

أن تعيش وحيدا لا تعني أنك تعيس، أن تعيش وحيدا، تعني أن لا احد يشبهك.
ليس سهلا ان يثير فيك احد الفضول، ان يبعث داخلك الحركة لاكتشافه، للتنبؤ بمستقبله او التحسس بما يلوح في اعماقه من فكر يطابق ما انت عليه، إن الوحدة تعلمك قوة النظر، أن تنظر للاشخاص بأعين صقرية، ترى المزيف والاصلي بعين خبير، ان تركض وانت في مكانك هذا فعل لا يتقنه احد غيرك، إن الارواح المرفهة لا يعرفها اهل الوحدة، لان ارواحهم منهكة وجدا، حتى لو كان صاحبها لا يبرح فراشه،

لا شيء يمكن له ان يغيرك مهما طال بقائه، لانك لم تعرف يوما أن تمسك قلما رصاصا وتكتب به ذكرياتك،
إن اول ما تعلمته وانت في المدرسة كيفية ان تمسك قلما من الحبر وتدون به كلماتك التي تتعلمها من اسلافك، لذا بات صعبا عليك محوها، وظلت تغذيك منذ نعومة اظفارك بمثاليتها اللامعة كقطعة الماس حتى ظننت انك في المدينة الفاضلة إلى أن كبرت وايقنت أنك ولدت في عالم لم تدرسه يوما في  الكتب، إنه عالم يأتيك فقط بشكل مباشر عبر شاشة زجاجية مسطحة. 

إن الذين لم تعرف ايديهم معضلة الاحبار والولوج في هذا العالم الشديد التعقيد، وفضلت التعلم بالاقلام الرصاص، تلاحموا بهذا العالم، لان كل ما كان يحتاجونه (ممحاة) بخسة الثمن بها يتم محو كل ما هو ماضٍ والبناء على الواقع، ليس لهم همّ في كيفية تغييره، بل البناء عليه اي ما كان، لا يعنيهم الجمال، بل تعنيهم الحياة اي ما كانت، وتحت اي سقف عاشوا، انهم هؤلاء الذين يصّعبون علينا الحلول، ويهدمون كل ثوابت الماضي الذي تعثرنا فيه فيما بعد عندما جمعنا الصورتين المتضادتين بين الامس واليوم لنستخرج الفروق الناتجة عن النظر فيهما، فشعرنا اننا نقارن بين الليل والنهار، بين النهر والبحر،  تعددت الاختلافات حتى عجزت العين على الاحصاء، وعادت وهي حسيرة لصاحبها تبكي واقعا مريرا شارك فيه كل من كان لا ينبغي له ان يتقدم خطوة واحدة للامام.
********
إن كل ما هو متحرك امامي لم يعد يطربني، الاشياء الثابتة الراسخة وحدها من تفعل ذلك، حتى لو كانت حجراً، إن خيال المآتة الذي قد نراه في منتصف الحقول لهو اعظم عندي من أن أكون كائنًا متحركًا مزيفًا.
~

الخميس، 27 يوليو 2017

أحاديث سمر في ليلة مع قمر

حين يصافحك القمر فلا تدع يده إليك ممدودة حتى يبلغ منه الجهد، إنه يود حمل ثقل عنك يوشك ان يبدد طاقاتك، ومن ثمة يغرقك في بحرٍ لجيّ لا سلامة فيه، فلا تأخذ من الدنيا عهداً بالنجاة وتصدقها، مهما أقسمت لك بأنها لا تبغي لك فيها إلا الخير.
في حضرة الشوق، والغروب يجمع خيوط الشمس من شتّى بقاع الأرض، واللّيل يعلن عن قدومه بأسراب من الحمائم أراها وهي تهرع سريعا للعُش، كل هذا ينبئني بأن الليل قد اوشك على الدخول، يسدل الليل سدوله، فيأتيني القمر عند شرفة غرفة نومي كعادته، كي يبقيني مستيقظا! اكاد أن لا ارى في ليلي شيئا سواه، ولا آراه هو الآخر يحرك ناظريه عنّي طرفة عين حتى يتمكن النعاس من أن يجمع بعثرتي على فراشٍ واحد ثم يهدهد افكاري على وسادتي كأمٍ حنون.

أحاول الانفكاك منه بكل ما اؤتيت من قوة هذه الليلة حتى لا يرسّخ فيّ مفاهيمه المغلوطة التي اعتاد على بثها داخلي كلما هاتفني الحر من خلف جدران بيتي، فلا اجد لي مفر منه إلا أن أغلق النافذة التي استقبل من خلالها الهواء النقي الممزوج بشيء من البرودة مما يطلق عليه مجموعاً بكل محتواياته بـ (النسيم) الذي يبقيني حيّا، فلست ممن يمكنه ان يعيش ميتا ولو لليلة واحدة، فكم احسد اناس ميتون لكنهم يتحركون! أشاهدهم أسفل منزلي وهم يعبرون الطرق، لا أنسى يوما أني رفعت صوتي مناديًا على أحدهم لأسأله عن مهنته في الحياة التي يمارس فيها نشاطه حتى يعود مساءً بهذه الحالة الرثة التي استنزفت طاقاته بشكلٍ شبه كامل.. فيجيبني مستهجنًّا ؟!! مهنتي ميتًا !!!

هكذا إذن الليل، يستدعي المخلوقات للعُش، إلى تلك الراحة التي يكدح لأجلها الإنسان ساعات طوال، الى ان تفنى قواه، وتتقلب صحته بين الصحة والمرض، ويستولى الشيب عليه رغم أنف كثرة الأطباء.

وانت يا قمر آآآه منك كما أنت لا تتبدّل، ولا تتغيّر إلا لسويعات، يدور علينا الزمن لينفينا لعوالم نجهلها ولا يدور عليك إلا ليعيدك صغيرا من جديد فنكبر نحن ونشيخ وصغارنا لازالوا يطلقون عليك هلالاً إلى ان تصبح بدراُ منيرا، وهكذا تدور حياتك من وإلى، بين هلال وبدر لا شيخوخة تأتيك لانك ابداً لا تموت، ولا تتبدل أو يأتي لينافسك في سمائك غيرك، او تتخلى عنك الشمس التي ترضعك من ضيائها ما يبقيك بيننا حيًّا إلى اليوم، كم عاصرت من جدودي القدماء ومن سبقوهم بسنين؟ لا يمكن ان يحصيها فاشل مثلي لا يحسن فن الحساب وجمع السنين! كما يحسن جمع عبّاد المال ثرواتهم.

أيها الصامت الغني عن التعريف، الليلة صيفية شديدة الحرارة والسماء الزرقاء ليست كما تبدو عليه، فهي ليلة معتمة لخلوها من النجوم، فما رايك اليوم واليوم فقط أن تدعني أمارس رياضة الغوص في اعماقي التي لا اكِلّ ولا املّ منها، واهرع أنت إلى السماء لتؤنس ظلمتها بشيء من نورك الذي استودعته الشمس في ثناياك، فإني لأستحي من ان اغلق نافذتي في وجهك وأنت الكريم الذي يوم أن تمنى العرب القدامى شيئا من سيدهم (رغما عن انوفهم) ليثبت نبوته أمام أعينهم كان طلبهم قبيحًا كريها، إذ طلبوا شق القمر!، وما ذنبك انت يا مسكين فيما يجول في خواطرهم من شكوك، ولماذا لم يطلبوا ان يخلق الله قمرا آخر يجلس بجانبك ليؤنس وحدتك؟! اليس هذا الطلب اجدى واحرى من ان يطلب، لذلك اشعر اني احمل من بعض اثامهم إذ العروبة تسري في دمي إلا اني ليس لي قلبا كقلب هؤلاء الذين اغتصبوا سعادتك وشقوّا لُحمتك، ويكأن تصورهم تعذيبك لربما يشفي غليلهم! أو يُدخل في صدورهم الإيمان! وما كان ليدخل إيمان في قلب يطلب الهدم دليلا على ان يُصدّق، لذلك اقول لك أغفر لي عروبتي و دعني هذا المساء اغفو، ولا يعني أني اشعر بشفقة تجاهك أن لا تطلق حريتي لليلة أو ليلتين اخلو فيها بنفسي بعيدا عن ناظريك اللذين يذكرنني بخلو العالم من حولي.

قف دهراً حيث أنت، فلن ابوح لك بشيء مما يستعذبك الحديث فيه عن دنيا الناس، إنما انت باقي بي أو بدوني، لن تموت، أو يفنى عمرك، كما انك ليس لك ساقين متعبتين من شدة الوقوف كساقي المنهكة، لا تنظر تجاهي بعينٍ يملؤها الحنين والشغف، أنت تعرف جيدا من أين تأتيني وتستنزف قواي بنظرتك التي تعرف جيدا اني لا اقوى على اهمالها او دفعها خلفي دون ان اعبأ بألامها من صنيع ذهابي، سأقص عليك شيئا مما لا تعرفه عن دنيا الناس، فأنت ايضا تعلمني درسًا هاما عن مهية الاحساس، فلا يعني أن لك قلبًا مصنوع من الحجر الاملس الصلب ان لا تكون لك مشاعر، إنما المشاعر تظهرها المواقف وليست الأحرف المكونة الكلمات اللامعة الخالية من روح.

في ساعة ما لا أذكر أفي ليل كانت او نهار، او في اي الفصول، كان كل شيء على ما يرام، الأرض اشعر بحرارتها كما يشعر الحي بسريان الدم في مجرى الشريان، والنور ينفذ من كل مكان، والابتسامة تخرج صافية كأن العين تمسك بالمصفاة فتصفي المشاهد الموحشة من قبل أن ترسلها للقلب ليرسمها على جدران الصدر... وهذا كله كان قبل سن النضج.

ف القلب دوما ما يمسك بكل مشهد تبثه العين إليه وينقشه على الصدر حتى يخلّده وهو يمارس حياته داخلك ليزودك بما جمع من صور ومنحوتات داخلك، فأحذر من أن تدع قلبك يرسّخ ما يمكن أن يؤلمه غدا، لأنه لا خلاص من كل ما يُنحت على جدران الصدر.

س: هل تحلم أن تعيش سعيدا؟ بـ(هكذا سؤال يبدأ سن النضج) ج: هذا طلب المستحيل، والاصرار عليه ما هو إلا كالسالك درب من دروب الخيال، ف السعيد الذي لا يشقى البتة هو الإنسان الذي لن يخرج من بوابة رحم امرأة، إن الطفل بل الجنين الذي يخرج من بطن امه اول ما يفعله البكاء، يبكي بحرقة وهو ينهر امه بصوت حنجوري، شاكيها للحضور على انها كانت سببا مع ابيه في استدعائه من زمن السراب السرمدي إلى زمن لا يمكن وصفه بشيء اكثر حقارة مما هو عليه الآن، وما يزيد الجنين تحسرا انه يرى الجميع من حوله يضحكون وهم لا يبالون لصراخه إلى أن مس الجنين الهم من استخفاف المحيطين ببكائه وبدأ يدرك تماما ما سوف يكون عليه بعد ممارسة الحياة، انسان فاقد لمعاني الشعور بالاخرين، يضحك ملأ فمه كالاحمق الذي فقد قلبه وبات يعاقر الحياة كمعاقرته للخمر.. بلا عقل. دون ان يلتفت لوهلة عن مستقبل هذا االطفل الضائع بين اطفال العالم التعساء.

إن الحالم والحالم فقط، هو ذاك الذي يمكن له ان يخلق عالم موازي يمكن أن يعيش فيه (صيانة لقلبه) جنبا إلى جانب عالمه الذي لم يطلبه لكنه فُرض عليه، إنها الغابة في صورتها المستحدثة، إنها الحياة التي يلاحقها الموت حيث سكنت.
لماذا كل شيء من حولنا يتكرر، لماذا ايام الاسبوع تعيد نفسها كل سبعة ايام؟ والشهر لا يكف عن الدوران هو الاخر، إن الشمس هي من تتسبب في ذلك مع الارض، كلاهما يتلاعبون بنا، يجمعون اعمارنا بشتى الصور، حتى أني اذكر يوما كنت اشاهد امي تعصر لي برتقالة في زمن فات فقلت لها اتعلمي يا امي ما تفعليه مع البرتقالة؟ هذا ما تفعله الشمس بنا في الارض، فنحن البرتقالة والعصارة امواتنا، والعصّارة الارض ويدك الشمس. هكذا يُراد بنا ان نظن أن العالم يتحرك، والواقع انه صورة ثابتة كما هي الحقيقة في افلام الرسوم المتحركة، اننا لسن من نتحرك، بل يوجد ما يحرك الاشياء من حولنا حتى نبدو كما لو اننا نجري، 

أبحث عن الخيوط التي في داخلك، فهي ما يتسبب في تحريكك رغما عنك، ف في كل منا عروسة ماريونت يتم تحريكها على خلاف رغبتنا ويتم صنع مستقبل لنا على خلاف ما نحلم به، قص الخيوط لو لم تستطع تكسيير الدمية، وتحرر.
اوَ ما شبعت بعد يا قمر من ثرثرتي، اظنني قد حدثتك بما فيه الكفاية مما يدور في عالمنا بعيد عن ناظريك، وإني لمحدثك بأكثر من ذلك لولا أني لم أُقبِّل في ليلتي هذه حواف فنجاني كي ارتشف منه مما يحوي من اكسير النشاط رشفة، لعلي ارى ان الفراش قد آن اوانه فإنه ليستحقني كما تستحق الشمس ساعة من النهار ان تشرق فيها لتدعك تغفو وترتاح من مراقبة نافذتي كل ليلة.

كثر تثاؤبي واُغرقت عيناي بالنعاس لذا اغفر لي ايها الطيب على رغبتي في احتضان وسادتي ومنح راسي جزء من الراحة حتى استعيد بعض عافيتي التى لا بد منها ان رغبت مواصلة سماعي، أمّا الآن فطاقتي استنزفت بكاملها كما لو أني بت روحا دون جسد.

طابت ليلتك أيها القمر، ولنا احاديث مماثلة في لياليك المقمرة. 

لـ +قلم فحم 

الأكثر قراءة شهريًا

المشاركات الأخيرة

تصنيف المشاركات

Unordered List

Text Widget

QalamFahm © قلم فحم